Skip to main content
السؤال
ما حكم المرض الذي يصيب ابن آدم؛ هل هو عقاب من الله، أم امتحان لعبده؟ وهل ورد في هذا الموضوع أحاديث؟
الاجابة

الله سبحانه حكيم عليم بما يصلح شأن عباده، عليم بهم، لا يخفى عليه شيء، فيبتلي عباده المؤمنين بما يصيبهم من مختلف أنواع المصائـب في أنفسهم، وأولادهم، وأحبابهـم، وأموالهم؛ ليعلم الله سبحانه -علماً ظاهراً - المؤمن الصابر المحتسب من غيره، فيكون ذلك سبباً لنيله الثواب العظيم من الله جل شأنه، وليعلم غير الصابر من الجزعين الذين لايؤمنون بقضـاء الله وقـدره، أو لا يصبرون على المصائب، فيكون ذلك سبباً في زيادة غضب الله عليهم، قال تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}([1]) ، وقال سبحانه وتعالى: {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين...} إلى أن قال: {..والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}([2])، وقال سبحانه:

ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم}([1]) والعلم الظاهر: الموجود بين الناس، وإلا فهو سبحانه يعلم في الأزل الصابر وغيره.

كما أن المصائب - من الأمراض والعاهات والأحزان- سبب في حط خطايا وتكفير ذنوب المؤمن، فقد ثبت في أحاديث كثيرة أنها تحط الخطايا، فعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله r يقول: «ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به سيئاته»([2]) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي. وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله r وهو يوعك فمسسته بيدي فقلت: يا رسول الله إنك توعك وعكاً شديداً، قال: «أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم» قلت أذلك بأن لك أجرين؟ قال: «أجل ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها»([3])  أخرجه 

البخاري ومسلم.

هذا وقد تكون الأمراض ونحوها عقوبة، ومع ذلك تكون كفارة لمن أصابته إذا صبر واحتسب لعموم ما تقدم من النصوص. ولقوله سبحانه: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}([1]) .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

               عضو         نائب رئيس اللجنة               الرئيس

  عبدالله بن غديان عبدالرزاق عفيفي      عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
 

([1]) سورة الشورى، الآية 30.

 

([1]) سورة محمد، الآية 31.

([2]) أخرجه أحمد 2/303، 335، 3/4، 18-19، 24، 38، 48، 61، 81، والبخاري 7/2، ومسلم 4/1993 برقم (2573)، والترمذي 3/289 برقم (966)، وابن أبي شيبة 3/230، والبيهقي 3/373، والبغوي في التفسير، تفسير سورة البقرة: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع...} الآيات، 1/131.

([3]) أخرجه أحمد 1/381، 441، 455، والبخاري 7/3، 7/9، ومسلم 4/1991، برقم (2571)، والدارمي 2/316، وابن حبان 7/199 برقم (2937)، والبيهقي 3/372، والبغوي في شرح السنة 5/342، 343 برقم (1431، 1432) .

([1]) سورة البقرة، الآية 155.

([2]) سورة البقرة، الآية 177.